ضبط ايقاع الجسم :الفائدة الاولى/ 5
(فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) النساء: 103.
ظهرت البحوث العلمية الحديثة أن مواقيت صلاة المسلمين تتوافق تماما مع أوقات النشاط
الفسيولوجي للجسم، مما يجعلها وكأنها هي القائد الذي يضبط إيقاع عمل الجسم كله.
وقد جاء في كتاب " الاستشفاء بالصلاة للدكتور " زهير رابح: " إن الكورتيزون الذي
هو هرمون النشاط في جسم الإنسان يبدأ في الازدياد وبحدة مع دخول وقت صلاة الفجر،
ويتلازم معه ارتفاع منسوب ضغط الدم، ولهذا يشعر الإنسان بنشاط كبير بعد صلاة الفجر
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد:
" اللهم بارك لأمتي في بكورها" كذلك تكون في هذا الوقت أعلى نسبة لغاز الأوزون
في الجو، ولهذا الغاز تأثير منشط للجهازالعصبي وللأعمال الذهنية والعضلية،
نجد العكس من ذلك عند وقت الضحى، فيقل إفراز الكورتيزون ويصل لحده الأدنى،
فيشعر الإنسان بالإرهاق مع ضغط العمل ، وهنا يدخل وقت صلاة الظهر فتؤدي دورها
كأحسن ما يكون من بث الهدوء والسكينة في القلب والجسد المتعبين.
بعدها يسعى المسلم إلى طلب ساعة من النوم تريحه وتجدد نشاطه، وذلك بعد صلاة الظهر
وقبل صلاة العصر، وهو ما نسميه "القيلولة" وقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه
فيما رواه ابن ماجة عن ابن عباس" استعينوا بطعام السحر على الصيام، وبالقيلولة على قيام الليل" وقال
صلى الله عليه وسلم: " أقيلوا فإن الشياطين لا تقيل "
وقد ثبت علميا أن جسم الإنسان في الفترة ما بين الظهر والعصر يكون في أقل حالات تركيزه
ونشاطه، ثم تأتي صلاة العصر ليعاود الجسم بعدها نشاطه مرة أخرى ويرتفع معدل"الأدرينالين" في الدم،
ويكون هنا لصلاة العصر دور خطير في تهيئة الجسم والقلب بصفة خاصة لاستقبال هذاالنشاط المفاجئ،
والذي كثيرا ما يتسبب في متاعب خطيرة لمرضى القلب للتحول المفاجئ للقلب من الخمول
إلى الحركة النشطة.
وهنا يتجلى لنا السر البديع في توصية مؤكدة في القرآن الكريم بالمحافظة على صلاة العصر حين يقول تعالى
y]حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ] (البقرة 238
فأداؤها مع ما يؤدي معها من سنن ينشط القلب تدريجيا، ويجعله يعمل بكفاءة أعلى بعد حالة من الخمول
الشديد ، فتنصرف باقي أجهزة الجسم وحواسه إلى الاستغراق في الصلاة، فيسهل على القلب
مع الهرمون تأمين إيقاعهما الطبيعي ، ثم تأتي صلاة المغرب فيقل إفراز "الكورتيزون" ويبدأ نشاط الجسم في التناقص، وذلك مع التحول من الضوء إلى الظلام، وهو عكس ما يحدث في صلاة الصبح تماما،فيزداد إفراز مادة "الميلاتونين" المشجعة على الاسترخاء والنوم، فيحدث تكاسل للجسم وتكون الصلاة بمثابة محطة انتقالية.
وتأتي صلاة العشاء لتكون هي المحطة الأخيرة في مسار اليوم، والتي ينتقل فيها الجسم من حالة النشاط
والحركة إلى حالة الرغبة التامة في النوم مع شيوع الظلام وزيادة إفراز "الميلاتونين"، لذا يستحب للمسلمين
أن يؤخروا صلاة العشاء إلى قبيل النوم للانتهاء من كل ما يشغلهم، ويكون النوم بعدها مباشرة،
و لذا نجد أن الالتزام بأداء الصلوات في أوقاتها هو أدق أسلوب يضمن للإنسان توافقا
كاملا مع أنشطته اليومية، مما يؤدي إلى أعلى كفاءة لوظائف أجهزة الجسم البشري.